recent
أخبار ساخنة

ليلى الدسوقى : السيطرة الاثيوبية على منابع النيل ! حلم زائف (8)

إيجي تريند
الصفحة الرئيسية

 

ليلى الدسوقى


بقلم : ليلى الدسوقى

المشهد الثامن و الاخير : إدارة ازمة سد النهضة 

تفرض ادارة ازمة سد النهضة ضرورة النظر اليها من المظور السياسى – الاستراتيجى و من ثم فان " الرؤى السياسية الجديدة و الغير تقليدية " هى التى يجب ان تحكم التحرك المصرى لادارة ازمة سد النهضة فى المرحلتين الراهنة و المقبلة و ان هذه الرؤى الجديدة يجب ان تكون سياسية فى المقام الاول و بمنهج جديد و يمكن اقتراح عدد من ميكانيزمات الحركة السياسية لمصر فى هذا السياق من قبيل :

التحرك السياسى السريع و المكثف لمحاصرة اثيوبيا اقليميا و دوليا 
من خلال الترويج لمقولة " ان السلوك الاثيوبى فى ازمة سد النهضة يرسى سابقة فى العمل الدولى بمخالفة القواعد القانونية فى شان تنظيم الانهار الدولية و الاساءة الى دول الجوار و الحاق الضرر بهم و هو ما يهدد الامن و السلم الاقليمى و الدولى و من ثم طرح المسالة سياسيا فى مجلس الامن الافريقى و فى مجلس الامن الدولى و المطالبة باعمال الفصل السادس من ميثاق الامم المتحدة ثم اعمال الفصل السابع باعتبار السلوك الاثيوبى يهدد السلم و الامن الدوليين 

التوظيف السياسى لتقرير اللجنة الدولية لبحث اثار سد النهضة 
و ذلك من خلال خلق راى عام اقليمى و دولى فى مختلف المحافل و على كافة الاصعدة الرسمية و غير الرسمية لدعم الموقف المصرى و خلق جبهات رفض للسد بمواصفاته الحالية التى من شانها الحاق الضرر بمصر و السودان حسب رؤية الخبراء الدوليين المحايدين الذين شاركوا فى صياغة التقرير و كانوا شهود عيان على التعنت الاثيوبى و كذا الترويج للاثار السلبية البالغة الخطورة للسد على كل من مصر و السودان بل و على اثيوبيا ذاتها ( فيما خص الزراعة و التعدين و الكفاءة الكهربائية المتدنية للسد ) 

التحرك السياسى المكثف لخلق و حشد راى عام عالمى و اقليمى 
بعضد الموقف المصرى و ذلك عبر الترويج للرؤية المصرية الداعية الى التعاون فى بناء السد مع الاثيوبيين بالشروط التى تحفظ الامن المائى لجميع دول الحوض و بما يعزز تفهم المجتمعين الاقليمى و الدولى للشواغل المصرية 

التوظيف السياسى و الذكى لورقة بنى شنقول
و هم السكان المحليون للمنطقة التى يبنى فيها سد النهضة حيث تشهد تلك المنطقة معرضة شديدة من السكان المحليين لبناء السد بسبب تاثرهم بيئيا بالسد فضلا عن انهم عرضة التهجير من اماكن اقامتهم جراء الاعمال الانشائية للسد و بالتالى من المهم العمل على ايصال صوتهم الى المجتمعين الاقليمى و الدولى ولاسيما ان العرف الدولى فى مسالة بناء السدود عادة ما يرفض السدود التى تلقى معارضة من السكان المحليين 

المقايضة السياسية لقضية سد النهضة فى علاقات مصر مع الدول الكبرى 
و ذلك من خلال طرح تلك القضية فى مختلف السياقات السياسية التى تجمع مصر باى من الدول الكبرى و جعل تلك القضية مجالا للمقايضة السياسية ضمن حزمة من عملية تبادل المصالح الاستراتيجية التى ينطوى عليها الحوار الاستراتيجى الذى يمكن ان تفتحه مصر مع اى من تلك الدول بعبارة اخرى على مصر ان تحصل على دعم و تاييد الدول الكبرى لها فى قضية سد النهضة فى مقابل ما يمكن ان تقدمه مصر من مصالح لتلك الدول 

التحرك السياسى للحؤول دون توفر التمويل اللازم للسد
و ذلك من خلال مخاطبة الجهات المانحة و شرح وجهة النظر المصرى و الشواغل المصرية و منعهم من تقديم للسد بمواصفاته الحالية و بما يلحق الضرر بالمصالح المائية المصرى و فى المقابل ابداء الاستعداد المصرى للتعاون بل و التشارك فى بناء السد و تمويله و تشغيله بمواصفات فنية تقبل بها مصر و لا تضر بمصالحها المائية 

اللجوء الى محكمة العدل الدولية 
و هو بالمناسبة تحرك سياسى و ليس قانونى و ذلك من خلال اعمال الاختصاصين الافتائى و القضائى للمحكمة و توظيفه سياسيا فى محاصرة اثيوبيا فبالنسبة للاختصاص الافتائى و هو اختيارى و لا يستلزم موافقة كل اطراف النزاع الدولى و هنا يمكن لمصر ان تطلب الراى الاستشارى للمحكمة فى هذا النزاع و على الرغم من عدم الزامية راى المحكمة فى هذه الحالة لاثيوبيا الا انه لو جاء فى صالح مصر فانه سيخلق ورقة ضغط جديدة لمصر ضد اثيوبيا و يمكن توظيفها فى مزيد من التطويق السياسى لاثيوبيا اقليميا و دوليا اما بالنسبة للاختصاص القضائى للمحكمة فانه يتطلب موافقة كل اطراف النزاع للذهاب طواعية الى المحكمة و هنا ايضا يمكن استثمار الموقف فى جميع الاحتمالات : فلو امتنعت اثيوبيا عن الذهاب للمحكمة ولاسيما و ان كل الدفوع و الحجج و الاسانيد فى القانون الدولى للمياه تدعم الموقف المصرى فان مصر تستطيع استثمار هذا الموقف من الناحية السياسية و الترويج لضعف الحجة الاثيوبية و الاستدلال بعدم قبولها للتحكيم الدولى و فى حالة موافقة اثيوبيا على الذهاب للمحكمة و صدور قرار منها يؤيد الموقف المصرى فان ذلك الحكم سيكون حسما للخلاف و النزاع 

اعادة احتواء السودان و كسب تاييدها 
فالسودان هو الشريك السياسى و الاستراتيجى فى المفاوضات النيلية و هو العمق الاستراتيج لمصر و من ثم فان توحد الجبهة المصرية الودانية فى التفاوض هو الضمان لقوة مصر و استقرار السودان و المحافظة على كيانه 

تفعيل دبلوماسية المياه المصرية و استثمار اتفاق اعلان مبادى سد النهضة الموقع فى ابريل 2015
فمن المعروف انه فى الاول من يوليو عام 1993 تم التوقيع على وثيقة الاعلان مبادىء تتشابه الى حد كبير مع تلك الموقعة مؤخرا بيد ان ما حمل اثيوبيا على عدم الالتزام باتفاق 1993 هو الانزواء و التراجع المصرى عن تدعيم العلاقات مع اثيوبيا و افتقاد العمل وفق منهج دبلوماسية المياه بعبارة اخرى يمكن القول ان غياب دبلوماسية المياه ضمن مصفوفة الدبلوماسية المصرية فى العقدين الماضيين هو ما اعطى المبرر لاثيوبيا و غيرها من الدول النيلية للخروج من حيز النفوذ المصرى 

اخيرا صفوة القول من كل ما سبق ان المشروعات المائية الحالية و المزمع تنفيذها فى المستقبل فى اثيوبيا او غيرها من دول حوض النيل يمكن ان تكون وسيلة للتقارب بين دول الحوض و ذلك اذا ما تم التعامل معها من منظور الربح للجميع بحيث يتم التوافق و التراضى بين مختلف دول الحوض على المشروعات التنموية التى تولد الطاقة لدول المنابع بما لا يخل بالحصة المائية المصرية و السودانية و بما يحقق المصالح الجماعية لكل شعوب حوض النيل بيد ان ذلك المنهج التعاونى يظل مرهونا بقبول دول المنابع لشرط الاخطار المسبق قبل المضى فى تنفيذ اية مشروعات مائية 

و بمنطق المخالفة فان احجام اثيوبيا عن شرط الاخطار المسبق و التذرع بالسيادة الاقليمية المطلقة على جزء النهر الواقع فى اقاليمها قد يفتح الباب على مصراعيه لتسارع و تزايد وتيرة التفاعلات الهيدروبوليتيكية الصراعية فى حوض النيل 

غير ان الكلمة الختامية التى نود التوكيد عليها هى ان ادارة التعاون فى حوض النيل وفق الكسب المتبادل ايسر جهدا و اقل تكلفة و احظى فى العائد من مدخل ادارة الصراع و من ثم يجب ان يكون الخيار الاستراتيجى لصانع و متخذ القرار المصرى فى الشأن المائى الانحياز لخيار التعاون مع التحلى بالقدرة على الذكاء و المناورة لتوظيف اوراق الضغط المصرية الممكنة فى المباراة الهيدروبوليتيكية فى حوض النيل 
google-playkhamsatmostaqltradent